اختبار السل: طرق التشخيص والعلاج

اختبار السل: الفحص المبكر للكشف عن العدوى

مقدمة

يعد مرض السل من الأمراض المعدية التي تؤثر على رئة الإنسان في المقام الأول، لكن يمكن أن يصيب أعضاء أخرى من الجسم مثل الكلى، والعظام، والأعضاء التناسلية، والدماغ. على الرغم من أن مرض السل قد تراجع في بعض المناطق من العالم، إلا أنه لا يزال يشكل تهديداً صحياً في العديد من البلدان، حيث يقدر عدد المصابين به بملايين الأشخاص سنويًا. يعتبر اختبار السل أحد الأساليب الأساسية للكشف المبكر عن العدوى، وهو أمر حاسم لتحديد الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض في مراحل مبكرة قبل أن تتفاقم الحالة الصحية.

ما هو اختبار السل؟

اختبار السل هو فحص يستخدم لتحديد ما إذا كان الشخص قد تعرض للبكتيريا المسببة للسل، أو ما إذا كان يعاني من العدوى النشطة في جسمه. يهدف الفحص إلى كشف ما إذا كان جهاز المناعة لدى الشخص قد أظهر استجابة لبكتيريا السل أو إذا كانت البكتيريا موجودة في جسمه بالفعل. عادةً ما يُستخدم اختبار السل في الأشخاص الذين يعانون من أعراض مرض السل أو أولئك الذين يعتبرون في فئة عالية من المخاطر للإصابة بالمرض. تشمل هذه الفئات الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل مرضى الإيدز أو الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، وكذلك الأشخاص الذين يعيشون في بيئات مزدحمة أو الذين يسافرون إلى مناطق تنتشر فيها العدوى.

أنواع اختبار السل

هناك عدة أنواع من اختبارات السل التي تُستخدم في الكشف عن العدوى، وكل منها له استخداماته الخاصة في تشخيص المرض. من أبرز هذه الاختبارات:

1. اختبار الجلد (اختبار مانتوكس)

يعد اختبار مانتوكس من أكثر أنواع الاختبارات شيوعًا للكشف عن السل. يُعرف هذا الاختبار أيضًا باسم اختبار التوبركولين الجلدي (TST). يتم فيه حقن كمية صغيرة من البروتين المشتق من بكتيريا السل تحت الجلد في الجزء السفلي من الذراع. إذا كان الشخص قد تعرض للبكتيريا سابقًا، فإن جهازه المناعي سيستجيب للبروتين، مما يؤدي إلى ظهور انتفاخ في مكان الحقن بعد 48 إلى 72 ساعة.

طريقة إجراء اختبار مانتوكس:

• يُجري الطبيب أو الممرض الاختبار عبر حقن البروتين تحت الجلد.

• بعد مرور يومين أو ثلاثة، يقوم الشخص بزيارة الطبيب لفحص مكان الحقن.

• إذا كان هناك انتفاخ أو تورم، فهذا يشير إلى أن الشخص قد تعرض للبكتيريا المسببة للسل في الماضي.

• الحجم والحجم المحدد للتورم يعتمد على عدة عوامل، مثل تاريخ الشخص الطبي، والحالة الصحية العامة، والمخاطر المحتملة.

من الجدير بالذكر أن اختبار مانتوكس قد لا يُظهر نتائج دقيقة في الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة، أو في أولئك الذين تم تلقيحهم بلقاح BCG (الذي يُستخدم في بعض البلدان لمكافحة السل). في مثل هذه الحالات، قد تكون نتائج الاختبار إيجابية حتى لو لم يكن الشخص مصابًا بالسل.

2. اختبار الدم (اختبار التفاعل المناعي)

يُعد اختبار الدم بديلاً حديثًا لاختبار الجلد للكشف عن الإصابة بمرض السل. يطلق على هذا الاختبار اسم اختبار الإنترفيرون-غاما (IGRA). يُستخدم هذا الاختبار لقياس استجابة جهاز المناعة للبكتيريا المسببة للسل عن طريق فحص الدم.

كيف يعمل اختبار الدم؟

• يتم سحب عينة من دم الشخص وتحليلها في المختبر.

• يتم فحص الدم للبحث عن تفاعلات معينة لبروتينات السل.

• إذا كانت هناك استجابة إيجابية، فهذا يشير إلى أن الشخص قد تعرض لبكتيريا السل.

يعتبر هذا الاختبار أكثر دقة من اختبار مانتوكس في بعض الحالات، خاصة في الأشخاص الذين خضعوا للتطعيم بلقاح BCG، لأن الاختبار لا يتأثر بالتطعيم.

3. اختبار المسحة (اختبار اللعاب)

يُستخدم اختبار المسحة للكشف عن الإصابة بالسل بشكل غير مباشر. يتم فيه جمع عينة من لعاب الشخص وتحليلها للبحث عن وجود بكتيريا السل. يعتبر هذا النوع من الاختبارات نادرًا مقارنة بالاختبارات الأخرى، ولكنه قد يُستخدم في بعض الحالات الخاصة.

كيفية تفسير نتائج اختبار السل

تفسير نتائج اختبار السل يعتمد على نوع الاختبار الذي تم إجراؤه بالإضافة إلى التاريخ الطبي للشخص ووجود أعراض مرضية. فيما يلي تفسير نتائج الاختبارات الأكثر شيوعًا:

1. نتائج اختبار مانتوكس

• نتيجة إيجابية: إذا كانت النتيجة إيجابية، فهذا يعني أن الشخص قد تعرض لبكتيريا السل في الماضي أو يعاني من العدوى النشطة. ومع ذلك، قد تكون النتيجة الإيجابية ناتجة عن تلقي التطعيم بلقاح BCG.

• نتيجة سلبية: إذا كانت النتيجة سلبية، فهذا يعني أن الشخص لم يتعرض للبكتيريا أو أن جهازه المناعي لم يُظهر استجابة للعدوى. ومع ذلك، في بعض الحالات قد تكون النتيجة السلبية خاطئة، خاصة في الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

2. نتائج اختبار الدم

• نتيجة إيجابية: إذا أظهرت نتائج اختبار الدم استجابة إيجابية، فهذا يشير إلى أن الشخص تعرض للبكتيريا المسببة للسل في الماضي. ولكن لا يعني بالضرورة أن الشخص مصاب بالعدوى النشطة.

• نتيجة سلبية: تعني أن الشخص لم يتعرض للبكتيريا أو أن جهاز المناعة لم يظهر استجابة لها.

أهمية اختبار السل

اختبار السل له أهمية كبيرة في الوقاية من انتشار المرض والتقليل من عدد الإصابات. يمكن أن يكون للكشف المبكر عن السل تأثير كبير على صحة المريض، حيث يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة للعلاج قبل أن يصبح المرض خطيرًا.

الكشف المبكر وعلاجه

عند اكتشاف الإصابة بالسل في وقت مبكر، يمكن للمريض أن يتلقى العلاج المناسب في مراحل مبكرة، مما يقلل من خطر انتقال العدوى إلى الآخرين. العلاج المبكر أيضًا يزيد من فرص الشفاء التام من المرض، ويقلل من المضاعفات المحتملة التي قد تؤدي إلى الوفاة.

الحد من انتشار المرض

عند اكتشاف حالات السل النشطة، يمكن اتخاذ تدابير لعزل المرضى وتقديم العلاج المناسب، مما يساعد في الحد من انتشار المرض في المجتمع. كما يساعد الفحص المنتظم للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة في الكشف المبكر عن حالات قد تكون مخفية ولا تظهر عليها أعراض واضحة.

عوامل الخطر التي قد تستدعي إجراء اختبار السل

هناك عدة عوامل تزيد من احتمال الإصابة بمرض السل أو انتقال العدوى، وتستدعي الحاجة لإجراء اختبار السل. من بين هذه العوامل:

• التاريخ الصحي الشخصي: الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب، وكذلك أولئك الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة، هم أكثر عرضة للإصابة بالسل.

• التعرض لأشخاص مصابين بالسل: إذا كان الشخص قد تعرض لأفراد مصابين بالسل النشط أو كان يعيش في بيئة مزدحمة، فإن احتمالية إصابته بالعدوى تكون أعلى.

• السفر إلى مناطق عالية الانتشار: الأشخاص الذين يسافرون إلى مناطق ذات معدلات عالية من السل يكونون عرضة بشكل أكبر للإصابة بالعدوى.

علاج السل بعد التشخيص

يتم علاج مرض السل باستخدام مجموعة من الأدوية المضادة للبكتيريا التي تستهدف البكتيريا المسببة للسل. يتطلب العلاج عادةً تناول عدة أدوية بشكل مستمر لفترة تمتد إلى 6 أشهر أو أكثر. من المهم اتباع العلاج بالكامل لضمان القضاء على البكتيريا ومنع تطور المقاومة للمضادات الحيوية.

الأدوية المستخدمة في علاج السل

• الإيزونيازيد (Isoniazid)

• الريفامبين (Rifampin)

• البيرازيناميد (Pyrazinamide)

• الإيثامبوتول (Ethambutol)

يجب على المرضى التمسك بالجدول الزمني المحدد للعلاج لضمان نجاح العلاج والتقليل من فرص انتشار المقاومة للأدوية.

الخاتمة

يُعد اختبار السل أداة حيوية للكشف المبكر عن العدوى بالسل، مما يساهم في تحسين نتائج العلاج وتقليل انتشار المرض. من خلال الفحص المنتظم والالتزام بإجراءات الوقاية والعلاج، يمكن الحد من تأثير هذا المرض المعدي الذي يشكل تهديدًا للصحة العامة.